يعتقد البعض بأن أسهل الطرق للتخلص من المواقف الصعبة التي تمر بهم هو الانسحاب منها، لكن حقيقة الأمر تشير إلى عكس هذا الاعتقاد السائد، فقد يكون قرار تركك لعملك أو انسحابك من علاقة تربطك بشخص آخر، من أصعب القرارات التي تتخذها طوال حياتك، فبمجرد أن تمر بأحد المواقف الصعبة تبدأ الأحاديث الداخلية بينك وبين نفسك تدور وبقوة حول التصرف الأنسب الذي يمكنك القيام به، وقد يسبب لك هذا الأمر نوعا من الحيرة حول ما إذا كان الأفضل هو الانسحاب وترك الأمور كما هي، إن أمكنك ذلك، أم أن الأفضل أن تبقى مستمرا مع الموقف حتى النهاية ومهما كانت النتائج.
ولعل أكثر ما قد تلاحظه عند تعرضك لأحد المواقف الصعبة سهولة فقدانك الثقة بقراراتك وبمدى دقة حكمك على الحدث الذي يمر بشكل عام، الأمر الذي سيشعرك بالارتباك. ولتتمكن من تجنب هذا الأمر والمحافظة على ثقتك بقراراتك يمكنك اتباع الخطوات التالية والتي ستجعلك تتمكن من الانسحاب، في حال أردت ذلك، بأقل ضرر ممكن
- انسحب قبل أن تتعمق جراحك: إن الانتظار وعدم الانسحاب إلى حين حدوث الجرح يعد انتظارا أكثر من اللازم؛ لأن الجرح بمجرد أن يقع، قد يصبح من الصعب إعادة التئامه من جديد، لذا، يجب عليك أن تتذكر أنه عندما تشعر بأن الموقف الذي تتعرض له أصبح يؤثر سلبا على ثقتك بنفسك ونظرتك لها، فالاستمرار قد لا يقودك إلا لتعميق الجراح التي تشعر بها، ولهذا فإن الانسحاب قد يكون هو الحل الأمثل بصرف النظر عن طبيعة الموقف الذي تتعرض له، سواء أكان تابعا للمستوى العاطفي أو المهني أو غيرهما.
وعلى المرء أن يعلم بأن الجروح التي تصيبه عبر عدد من المواقف التي يتعرض لها غالبا ما تأتي ببطء وبشكل تدريجي، الأمر الذي يجعله من أصعب أنواع الجروح كونه يأتي ببطء وبشكل ثابت، إلى أن يؤدي بالنهاية إلى الشعور بتآكل النفس إن جاز التعبير، وتتمثل صعوبة الجرح بكونك قد لا تشعر بداية بأي تغيير حدث لك أو لطريقة تفكيرك وإنما تشعر فقط بأنك تمر بأوقات عصيبة، وكلما تأخرت بالابتعاد عن الموقف تعمق الجرح أكثر، لكن عليك أن تتذكر بأن الأحداث التي تمر بك ليست مسؤولة عن قراراتك، فالقرار بيدك أنت.
- لا تخدع نفسك: عند التعرض لأحد المواقف الصعبة فمن الشائع أن يقوم المرء بخداع نفسه وذلك من خلال التظاهر بأن الأمور تسير على ما يرام، وعلى الرغم من أنه يستمع لصوته الداخلي والذي يخبره بما يجب فعله، إلا أنه يتجاهل هذا الصوت ويقرر الاستمرار بالموقف لفترة إضافية، أملا بأن يتغير الوضع للأحسن في فترة قريبة.
جميع الأشياء بالطبع قابلة للتغيير والحديث ليس دعوة للانسحاب من مواجهة الأزمات، لكن الحديث هنا عن مواقف معينة، مواقف تمر بكثيرين وتشعرهم بأن كل دقيقة تمضي تعادل دهرا من الألم، وفي هذه الحالات المفروض أن يستمع المرء لصوته الداخلي وينسحب إن كان الاستمرار لن يزيد سوى عمق الجرح الذي يعاني منه.
- قيم النتائج المترتبة على انسحابك: يجب عليك أن تدرك بأن الأمر لا يخصك وحدك، وعليك أن تراعي تأثيره على الآخرين، فانسحابك من العمل في الوقت غير المناسب قد يضر بأشخاص لا ذنب لهم، أو قد يضر بمستقبلك في العثور على وظيفة جديدة، الأمر نفسه ينطبق على انسحابك من علاقة تربطك بأحد الأشخاص سواء أكانت علاقة عاطفية أو صداقة، ففي كلتا الحالتين قد يؤدي انسحابك من موقف معين إلى إنهاء العلاقة تماما.
لذا فمن المناسب أن تأخذ وقتك بالتفكير لتحديد الوقت والطريقة التي ستنسحب بها، وذلك لتجنب الوقوع بمشكلة أكبر أو بأن يكون انسحابك يتعارض مع مبادئك الخاصة بذلك الموقف تحديدا، وبعد ذلك عليك أن تسأل نفسك هل أنت مستعد لدفع مثل هذا الثمن من أجل الانسحاب من موقفك الحالي؟ وتذكر بأنه في حال تعارض انسحابك مع مبادئك فإن هذا الأمر سيجعلك تجد صعوبة بالغة بالتكيف مع نفسك فيما بعد.
نعود ونؤكد بأن الانسحاب ليس الأمر الذي يدعى له، لكنه في بعض الأحيان يكون القرار الأكثر حكمة الذي يمكن المرء اتخاذه، ومن خلال نظرة سريعة للمستقبل الذي تتوقعه في حال استمرارك، يمكنك تحديد ما إذا كان الانسحاب هو الأنسب لك أم لا.
منقول من جريده الغد ....... علاء على عبد